إنّ الاستزادة من العبادة بأداء النوافل المختلفة يعمّق الإيمان عند المسلم؛ فهي كالزيادة في العلم أو التحصيل، كلّما ازداد الطالب مراجعة ومذاكرة لدروسه كانت فرصته في نيل درجات عليا أكبر، فإن أراد المسلم أن ينمو الإيمان في قلبه ويكبر، وأن يحقق الفوز العظيم فعليه أن يجتهد في سبيل ذلك، وأن يُعدّ العدة ابتغاء الحظ الكبير.
صلاة القيام من النوافل التي تثبّت القلوب وتعمّرها وتحييها، وتجعل العلاقة مع الله متينة و وطيدة، فيمتلئ القلب خشية وخوفا من الله، ويفرّغ من حب الدنيا وشهواتها وملذاتها، وينضب من الخوف والرعب من غير الله مهما عظم في الدنيا، فقد قال تعالى في غاية من يقوم الليل: "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا" السجدة (16). إنّ صلاة القيام من النوافل الصعبة الشاقّة، ولا يقوى على تحمّلها إلا صاحب الهمة العالية والإرادة الصلبة والرغبة الجارفة في الطمع في الفوز في الآخرة، وتأتي مشقتها وصعوبتها من وقتها، فليس الجميع يستطيع أن يضحّي براحته ونومه وخلوته مع أهله، وينفر في هذا الوقت الذي قد يحمل معه الصرّ الشديد في فصل الشتاء، ليقوم الليل ويتقرّب إلى ربّه، وهناك من يتكاسل عن ذلك، ويرضى بالقعود مع الأخلّاء والأخوان يتسامر ويضحك ويلعب، فلا تطاوعه نفسه لترك كل هذا النعيم الدنيوي الزائل وراء ظهره؛ فصلاة القيام تمتدّ من بعد العشاء حتى بدايات اقتحام الفجر قطع الليل بسيفه، وأجمل وقت لصلام القيام وأحلاه هو الثلث الأخير من الليل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر " ..
لا عدد محدد لركعات قيام الليل؛ فهي نافلة، فمن كان على صبر زاد، ومن كان على تعب أو مشغلة اقتصر، فهي تبدأ من ركعتين ثم يزيد، وتصلى كل ركعتين على حدة؛ أي ينهي القائم الركعتين بالسلام، ثم يقوم لركعتين جديدتين وهكذا، ويجب أن يكون عدد الركعات زوجياً، إمّا ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان وقد تصل إلى اثنتي عشرة ركعة، ثم تختم الركعات بركعتي الشفع، ثم ركعة الوتر في النهاية.
المقالات المتعلقة بطريقة صلاة القيام